آراء

بنطلحة يكتب.. رسالة إلى الكراغلة: شتان ما بين الثرى والثريا

يحرص الاتحاد الدولي لكرة القدم على عدم إقحام السياسة في الرياضة، من منطلق ترسيخ مبادئ اللجنة الأولمبية الدولية التي تحظر استخدام الرياضة في الترويج لأغراض سياسية من شأنها أن تعكر صفو تلك المشاركات التي تواجدت من أجل نشر المحبة والألفة بين الشعوب.

من جانبه، يشدد رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم على عدم قانونية إقحام السياسة في الرياضة، مؤكدا أن الجمع بينهما لا يتوافق مع قانون اللعبة وتوجيهات الفيفا.

إلا أنه وبرجوعنا إلى التاريخ، نلاحظ أن بعض الأنظمة الفاشية تقحم عنوة السياسة في المجال الرياضي، حيث أدرك مثلا هتلر وموسوليني أهمية قيمة الرياضة في تأجيج المشاعر من أجل كسب مشروعية زائفة.

لقد عزز موسوليني موقفه من خلال الهيبة التي اكتسبها بعد حصول بلاده على كأس العالم مرتين في عامي 1934 و1938، بينما أصبحت ألمانيا بطل الأولمبياد عام 1936 كرمز لقوة النظام الحاكم، وفي بطولة كأس العالم لكرة القدم عام 1934 في إيطاليا شارك موسوليني شخصيا في اختيار الحكام، وحضر جميع المباريات التي خاضها منتخب بلاده، ولقد قال: جوبلز مسؤول الدعاية في النظام النازي إن “الفوز بمباراة دولية أهم من السيطرة على مدينة ما”.

ونجد أن إقحام السياسة في ميدان الرياضة وعلى الخصوص كرة القدم مازال معمولا به حتى اليوم من طرف الأنظمة الشمولية العسكرية ذات التوجه الفاشي، حيث نجد أن النظام العسكري الجزائري حاول من خلال تنظيمه هذه الأيام كأس إفريقيا للمحليين أن يوظف كرة القدم في استغلال سياسوي مقيت، ووضع الاتحاد الدولي لكرة القدم أمام امتحان عسير، حيث أقدمت السلطات الجزائرية على تحويل حفل افتتاح بطولة “الشان” إلى منصة لإعلان الحرب على المغرب من خلال منح الكلمة لمحسوب عليهم من جنوب إفريقيا يبدو أنه حظي بوجبة عشاء في “شيراتون”، وهو معروف بعدائه ضد المغرب وحبه للأظرفة وبملفات الفساد في بلده، ويتعلق الأمر بالمدعو زوليفوليل مانديلا، الذي أخذ الكلمة بتخطيط وإيعاز من حكام الجزائر ليدعو إلى الحرب على المغرب قائلا أمام أنظار العالم: “دعونا نحارب لنحرر الصحراء الغربية من القمع”.

إنه وبناء على هذا التصريح الخطير واللامسؤول، في محفل رياضي صرف، يلزم على الأجهزة الرياضية الإفريقية والدولية اتخاذ المتعين في حق هذا النظام العسكري الجزائري الذي حول حفل افتتاح تظاهرة كروية إفريقية إلى منصة للتحريض على الحرب والعنف، مع العلم أن باتريس موتيسيبي، رئيس الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، والذي كان شاهد إثباث صرح للصحافة عقب وصوله إلى بلادنا رفقة رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم جياني إنفانتينو، لحضور مراسم سحب قرعة كأس العالم للأندية المزمع إقامتها في المغرب، “نحن ملتزمون بروح الأخوة الإفريقية ونريد العمل معا في سياق كرة القدم وإظهار الجانب الأمثل لكرة القدم الإفريقية، وشدد على “أننا لسنا سياسيين ولا نريد للسياسة أن تتداخل مع كرة القدم”.

لذا يجب على “الفيفا” أن تتدخل من أجل إنهاء الاستغلال السياسي للأحداث الرياضية وأن تتخذ إجراءات تأديبية صارمة في حق النظام العسكري الجزائري الذي أظهر للعالم أجمع مدى خبثه وجبنه من خلال استغلال تظاهرة رياضية لتحريضه على سلوك عدواني تجاه شعب يمد إليه يد السلام وهو في كامل قوته واستعداده.

ومادام الشيء بالشيء يذكر، يجب كذلك استحضار تعذر مشاركة المغرب في هذا المحفل الرياضي CHAN، نتيجة منع طائرة الخطوط الملكية المغربية من إيصال الوفد الرياضي المغربي من طرف حكام الجزائر، سيما وأنهم يتشدقون بأحقية تنظيم كأس أمم إفريقيا 2025 ،رغم أنهم يغلقون الأجواء ويتخذون قرارات صبيانية لا تمت للأخلاق الرياضية بصلة.

في كتابه “الدرجة الصفر في الكتابة”، يقول رولان بارت: “ليس هناك من نص برئ”، استحضرت هذه القولة ذات الدلالات المكثفة حين قرأت تصريحا حكيما لموتسيبي رئيس الاتحاد الإفريقي: “كأس إفريقيا قريبة وهدفنا ليس فقط حضور المنتخب المغربي للعب بل المشجعين أيضا”.

ونحن أيها الكراغلة للتذكير: حدودنا مفتوحة ونرحب بالجميع، نتحلى بأخلاق الكبار لأننا لسنا طارئين ولا يرعبنا التاريخ وهوس الذاكرة والجماجم… إننا أبناء حضارة ذات امتداد طويل… نحن التاريخ والمسقبل، نحن أسياد المستطيل الأخضر، نحن من صنع ملحمة قطر، نحن من تغنى وهتف العالم باسمنا… رغم أنف الحاقدين والحاسدين الذين يرعبهم ذكر اسم المغرب في إعلامهم، نحن أسود الأطلس صناع الفرجة والمستحيل، وشتان مابين الثرى والثريا ياكراغلة… لعلكم تستفيقون…!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
حمل تطبيق آراء الآن