سياسة
بنطلحة الدكالي: دلالات القرار الجزائري الانفعالي بخصوص تعليقها لمعاهدة الصداقة وحسن الجوار مع إسبانيا!؟
محمد بنطلحة الدكالي، أستاذ العلوم السياسية رئيس المركز الوطني للدراسات والأبحاث حول الصحراء جامعة القاضي عياض مراكش
إن الدينامية المتجددة التي يعرفها ملف الصحراء المغربية، والتحولات التي طرأت على مستوى التغيرات الجيوستراتيجية في المنطقة، شكل صدمة كبرى عند حكام الجزائر، وجعلهم يتخذون قرارات الفعالية غير محسوبة العواقب، لعل آخرها القرار الجزائري بشأن التعليق الفوري لمعاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون المبرمة مع إسبانيا منذ أكتوبر 2002، نظرا لموقف مدريد الداعم لمبادرة الحكم الذاتي للصحراء المغربية، هذا الموقف أصاب صانعي القرار الجزائري بالسعار، وجعلهم يتخذون قرارات مبنية على ردود أفعال طائشة ،وأظهر للعالم أجمع أن حكام الجزائر هم المعنيون الأوائل بنزاع الصحراء، وأن لهم رغبة حقيقية في عدم التوصل إلى حل سياسي ينهي فصول هذا النزاع المفتعل، وأنهم يحركون ميليشيات البوليساريو حسب رغباتهم وأهوائهم، وأنهم يعتبرون الصحراء المغربية تدخل في إطار أمنهم الاستراتيجي كما صرحوا بذلك في عدة مناسبات، كما أن الجزائر أظهرت للعالم أجمع أطماعا توسعية في المنطقة بحثا عن الهيمنة والاستقواء بفعل العائدات الريعية النفطية.
إن هذا الموقف الجزائري تجاه إسبانيا يدحض الادعاءات المتكررة للنظام الجزائري الذي يردد دائما أنه لا دخل له في نزاع الصحراء، ويرفض الجلوس أمام المغرب حول هذه القضية، رغم أن الشغل الشاغل للدبلوماسية الجزائرية ظل هو معاكسة المغرب والصحراء المغربية، ونجد كذلك أن هذا الرد الجزائري ينم عن قصر نظر وضعف في الرؤية الإستراتيجية ومن شأنه أن يدخل حكام الجزائر في العديد من المتاهات مستقبلا خاصة وأن الانتصار للموقف المغربي المتمثل في الحكم الذاتي في إطار سيادة المملكة المغربية، آخد في التزايد، وهو قرار يؤيد حركية أصبحت حاضرة وبكل قوة على المستوى الدولي،مما سيؤدي بالجزائر مستقبلا إلى عزلة إقليمية و دولية ..
وللتذكير، فإن العلاقة المغربية الإسبانية ليست ضد أي احد ،وإنما هي علاقة إستراتيجية وواقعية تأتي لتطويرالشراكة والإستقرار بين البلدين، كما أن موقف إسبانيا من الصحراء المغربية المتمثل في دعم مبادرة الحكم الذاتي يأتي منسجما مع رؤية مجلس الأمن والقوى الفاعلة على المستوى الدولي..