آراء

بنطلحة يكتب: حديث عن شر التاريخ.. ولعنة الجغرافيا

تطالعنا كتب التاريخ أن الحكم العثماني بالجزائر دام لمدة ثلاثة قرون وعشرين سنة، حيث استقبلوا استقبال الفاتحين كما جاء في كتاب » تاريخ الجزائر القديم والحديث » للباحث الجزائري محمد بن مبارك الميلي، حيث نصب القائد العثماني عروج نفسه سلطانا على إيالة الجزائر.

وتعليقا على طبيعة الوجود العثماني في الجزائر، يؤكد الباحث الجزائري المتخصص في الفترة العثمانية محمد بن مدور أن » كل الدلائل تؤكد على أن ذلك الوجود كان احتلالا »، مما أدى إلى عملية تتريك شاملة، حيث قام الأتراك بالزواج من جزائريات أنجبوا منهم بنين وبنات صاروا يعرفون بـ« الكراغلة » وتشير الإحصائيات أن عدد الكراغلة خلال القرن 17 بلغ في مدينة الجزائر وحدها 2000 كرغلي حتى وصل عددهم في نهاية القرن18 في كل من الجزائر وتلمسان حوالي 6 آلاف نسمة كما يذكر الباحث الجزائري في التاريخ العثماني ناصر الدين سعيدوني في كتابه « النظام المالي الجزائري في الفترة العثمانية 1800-1830″.

ونجد أن العديد من الكراغلة ينتسبون إلى هاته السلالة الحاكمة، ومن بينها وأشهرها وأوسعها سلالة بوصبع، وهو لقب لأحد الدايات الأتراك الذين حكموا إيالة الجزائر العثمانية في النصف الثاني من القرن 18 (1770-1782) وذلك عقب وفاة الداي بوحنك الذي حكم الإيالة لمدة 17 سنة.

حول شخصية علي بوصبع، يقول المؤرخ المرجعي لتاريخ الجزائر دي غرامونت بأن » علي باشا كان رجلا غبيا ومتعصبا وبه مس من الجنون.. ويعطي أوامره دون تفكير ويردد الأقوال التي يسمعها.. ».

وبما أن العرق دساس أعزكم الله، فقد ابتلي الجيران بطائفة من هاته السلالة، شاء القدر أن تتولى شؤون السياسة والكياسة ، حيث تسير بالبلاد إلى الهاوية منذ الانقلاب العسكري بتاريخ 19يونيو1965، هؤلاء الحفدة أغرقوا البلاد والعباد في العنف والفوضى والنهب والتبذير في الثروات غير آبهين بانتظارات الشعب المغلوب على أمره، ديدنهم أن يقتنوا سلاح الخردة حتى يشفوا غليل إرث جيني يسري في دمهم، لقد خالوا أنفسهم أصحاب ثورة سابقة لهذا العالم ومنتشرة لحد الآن في هذا العالم.. إنهم قبلة للجماجم والشهيد اللقلاق إنهم المطلق الذي يقود أحرار العالم.. ولذلك أعلنوا شفاهم الله، التدخل في سيادة الدول المجاورة حقا مشروعا، إنهم أبناء الشمس الذين سيخلصون هذا العالم بفضل قوتهم الضاربة.

لقد اعتمدوا بنرجسية مرضية على دبلوماسية شعارها « النيف والخسارة »، وهي عبارة وردت في مقال للسياسي الجزائري الحكيم نورالدين بوكروح بعنوان « اشتراكية البقرة الحلوب ».

إن خريطة المملكة المغربية الشريفة باتت ترعبهم، يخالونها تمس سيادتهم وهيبتهم وأمنهم القومي، وهم في ذلك غير آبهين لقادم الاحتمالات والمفاجآت والسيناريوهات التي ستقوض كيانهم إلى عدة خرائط ورايات…!

في العلاقات الدولية، ثمة نظرية تسمى المدرسة السلوكية، وهي تربط بين الظواهر السياسية والاجتماعية، حيث ترى أن السلوك السياسي هو جزء من سلوك اجتماعي عام، لذلك تدرس سلوكيات الدول التي هي في الأصل والأساس سلوكيات الأفراد والجماعات.. رجاء ونحن في مواجهة هذا الهذيان الجماعي، لنستحضر مبادئ هاته النظرية حتى نتقي شر التاريخ ولعنة الجغرافيا…

محمد بنطلحة الدكالي

استاذ العلوم القانونية و السياسية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
حمل تطبيق آراء الآن