آراء

الدكتور بنطلحة يكتب: حينما انقلب بصر أيمن بن عبد الرحمان خاسئا وهو حسير

د. محمد بنطلحة الدكالي- مدير المركز الوطني للدراسات والابحاث حول الصحراء 

يرجع تاريخ العلاقات المغربية الروسية بداية من سنة 1777، حين عرض محمد بن عبد الله على، ديكاترينا الثانية، إمبراطورة روسيا، إقامة علاقة تجارية بين البلدين، مرورا بسنة 1897 عندما تم افتتاح قنصلية عامة للإمبراطورية الروسية في مدينة طنجة، وانتهاء بإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الاتحاد السوفياتي والمغرب عام 1958.

ومن الأحداث الهامة في تاريخ العلاقات بين المغرب وروسيا، زيارة الملك الراحل الحسن الثاني إلى موسكو في أكتوبر 1966، كما زار المغرب رئيسان لمجلس السوفيات الأعلى هما بريجنيف عام 1961 وفودكورني عام 1969.

وقد شكلت زيارة الملك محمد السادس إلى موسكو عام 2002 منعطفا مهما في تاريخ العلاقات بين البلدين، حيث تم التوقيع على بيان مشترك حول الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، كما قام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سنة 2006 بزيارة رسمية إلى المغرب وقعت خلالها العديد من الاتفاقيات.

يتبين إذاً أن العلاقة المغربية الروسية ليست ظرفية ولكنها نتيجة صداقة تعززت وتوطدت بغض النظر عن تقلبات التاريخ، حيث أن العلاقة المغربية الروسية تتميز بالتنوع على مختلف الأصعدة وبارتفاع ثابت لحجم التبادل التجاري بينهما، كما أنها مرشحة لمزيد من التطور الذي يخدم مصالح البلدين، بحيث أن روسيا تنظر إلى المغرب كمدخل إلى إفريقيا وتعتبره شريكا اقتصاديا واستراتيجيا لأن المغرب يوجد ضمن قائمة من أربعة بلدان إفريقية تتركز فيها سبعين في المائة من تجارة موسكو مع القارة الآفريقية حيث تأتي المملكة في المرتبة الثانية من حيث الصادرات والثالثة من حيث الواردات.

في هذا الإطار، شارك المغرب في القمة الروسية الإفريقية الثانية بسان بطرسبورغ، وقد مثل المغرب في هذه القمة رئيس الحكومة المغربية السيد عزيز أخنوش، والذي جدد التأكيد على اِلتزام المغرب الدائم بعلاقته مع مختلف شركائه الاستراتيجيين، كما أعرب عن تطلع المغرب إلى أن تساهم هذه القمة في تعزيز العلاقات بين روسيا والبلدان الإفريقية، وإطلاق مجالات تعاون مبتكرة كفيلة بالنهوض بالتنمية وتوطيد الأمن والاستقرار بالقارة الإفريقية.

إن دولة روسيا تنظر إلى المغرب كقوة إقليمية صاعدة، تراعي التعدد والتنوع في علاقاتها مع الدول الكبرى، وبلد أمن واستقرار وسلام وحلقة وصل أساسية واستراتيجية بين الشمال والجنوب، وقد أعرب عن ذلك الرئيس فلاديمير بوتين خلال القمة الروسية الإفريقية الثانية، حين عبر عن رغبته في تعزيز العلاقات بين البلدين، كما أن المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا صرحت، على هامش هذا الملتقى أن العلاقات بين روسيا والمغرب «متميزة وتجسد انفتاح إفريقيا على روسيا وانفتاح روسيا على إفريقيا»، وأن روسيا والمغرب يقيمان علاقات تعاون جيدة للغاية في عدة مجالات، وتابعت القول: «نشجع الصداقة والاحترام المتبادل مع المغرب، يتعلق الأمر بمثال ساطع على كيفية بناء العلاقات بين البلدان».

لقد تجسد هذا الاحترام والتقدير الروسي للمملكة المغربية في استبعاد روسيا لمرتزقة البوليساريو من المشاركة في قمة «روسيا إفريقيا»، بالرغم من الضغوط التي مارستها كل من الجزائر وجنوب إفريقيا من أجل توجيه الدعوة لهم. حيث إن دولة روسيا وللمرة الثانية، وجهت الدعوة للمشاركة للدول الإفريقية التي تحظى باعتراف رسمي من جانبها وتعتبر عضوا كامل العضوية في الأمم المتحدة، وقد تجلى ذلك في جميع الوثائق التي تم اعتمادها في ختام هذه القمة، كما أن الفقرة التمهيدية لجميع هذه الوثائق الرسمية تتضمن الصياغة التالية: «نحن رؤساء دول وحكومات فيدرالية روسيا والدول الإفريقية المعترف بها من قبل منظمة الأمم المتحدة».

وبذلك نسجل موقفا روسيا رسميا حاسما، يعكس سلوك دولة تحترم مواثيقها، كما يعكس مكانة المغرب الدولية، بينما خاب مسعى حكام الجزائر في إقحام دمية البوليساريو في هذا المحفل الدولي، وانبرى وزيرهم الأول أيمن بن عبد الرحمان يتلو بصعوبة ومرارة كلمات خشبية تدعو إلى الشفقة مقحما القضية الفلسطينية مع مرتزقة البوليساريو وظل يجيل بصره يبحث عن نصير، فانقلب إليه البصر خاسئا وهو حسير…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
حمل تطبيق آراء الآن