رياضة

بنطلحة يكتب: “نركبو لهبال”

آراء – الدكتور بنطلحة الدكالي استاذ العلوم السياسية والقانون العام.

تعتبر الرياضة من أهم الوسائل لتوطيد العلاقة ما بين الشعوب لما تحمله من معاني المحبة والإخاء والسلام، في إطار تنافس رياضي شريف ينتصر للإنسانية في أبعد معانيها، وهي بذلك تسعى للقضاء على الكراهية والعداوة والعنصرية، لأنها رسالة سلام تعبر عن الفضائل المثلى في الروح الرياضية.

AA وهذا ما تعكسه التظاهرات الرياضية العالمية التي تعلم الناس كيف يمكن أن تجمعهم مشاعر واحدة تتجاوز فروقاتهم البشرية، وكيف يتحول الانسان في تلك اللحظات البهية والجميلة الى كائن عالمي يمجد التفوق والسمو والأداء المتميز.

هكذا نجد منظمة اليونسكو تؤكد على ضرورة “تسخير الرياضة من أجل السلام والتنمية” وترى أن “ممارسة الرياضة هي وسيلة معترف بها لتعزيز السلام” كما تشكل أداة قوية لتوطيد الروابط وتعزيز المثل العليا للسلام والأخوة والتضامن واللاعنف والتسامح والعدالة”.

إن الرياضة تصنع ثقافتها الخاصة التي تتجاوز ثقافات التقسيم، وتساعد في نشر قيم التعاون والتآخي بين الشعوب.

ونجد أن الاتحاد الافريقي لكرة القدم، الذي يعرف اختصارا باسم “الكاف”، والذي يضم في عضويته 54 اتحاد كرة قدم للدول الافريقية، يحمل كل هذه القيم والمعاني السامية منذ بداية تأسيسه عام 1957. إنه يجسد الحلم الافريقي من أجل الارتقاء بالكرة الافريقية إلى مصاف العالمية في التزام تام بالمبادئ الرياضية السامية، لذا هو يدعو إلى التشبث بقيم السلام والتآخي بين شعوب القارة.

لكن، وضدا على هذه المبادئ، يأبى نظام “الكراغلة” إلا أن يعاكس مجرى التاريخ والتيار، وأن ينعق خارج السرب المغرد، حيث حاول إقحام الفريق العجائبي لبن بطوش والذي لا يتوفر على أرض أو ملعب أو دولة أو هوية… في منظومة الكاف خلال الجمع الذي انعقد بتنزانيا مؤخرا، حيث قوبل طلبهم السوريالي والبئيس برفض تام من كافة أعضاء الاتحاد الافريقي لكرة القدم، وعاد المسمى “جهيد زفزاف” يجر أذيال الخيبة والهزيمة بعدما حاول إقحام السياسة في الرياضة، والذي غاب عنه أن القانون يمنع منح العضوية لمنتخب أو فريق يمثل كيانا غير عضو في هيئة الأمم المتحدة كدولة.

إن هذا المقترح الجزائري، يبين مدى خبث وحقارة الماسكين بزمام الحكم في الجارة الشرقية، وكيف أنهم لم يخجلوا وهم يحاولون فرض أشباه لاعبين على المنتظم الإفريقي..!؟ إنهم يقفزون على العقل والمنطق والروح الرياضية بل لقد أصبحوا مسخرة في جل أرجاء القارة الافريقية وأضحوكة في وسائل الاعلام الدولية، لأنه وبكل بساطة لا يمكن أن يشترى كل شيء بالمال، لأن الاتحادات الإفريقية باتت ملتزمة بالتمتع بالاستقلالية، وهي رسالة مشفرة وجهت من تنزانيا إلى نظام الكراغلة علهم يستحيون…!!

لقد كنا نمني النفس أن يتقدم ممثل الجارة الشرقية بمشروع رياضي يهدف إلى الارتقاء بالرياضة الجزائرية التي تعاني من ضعف كبير في البنية التحتية وإلى تحسين جودة ملاعب كرة القدم وسبل تطوير منتخبهم الوطني عوض تخدير الشعب المغلوب على أمره بأن كأسي افريقيا والعالم في “الجيب” مستعينين في ذلك بمجموعة من بائعي الكلام ومحترفي النصب وترويج الأوهام وعدد من الرقاة والمشعوذين… أما أن يحاولوا الزج بفريق نادي بن بطوش لكرة القدم الغرائبية والسحرية، فدونهم النجوم لأنهم امتطوا خيولا عرجاء تركض بحثا عن المستحيل.

لقد منح الاتحاد الافريقي لكرة القدم أثناء اجتماع مكتبه التنفيذي بتنزانيا شرف تنظيم أربعة تظاهرات قارية إلى المغرب وأشادوا بدوره الفعال في إنجاح التظاهرات الرياضية، وبذلك يواصل الكاف منح الثقة للمملكة المغربية الشريفة.

إنه وعلى سبيل الاستئناس، نذكركم أن منتخب كرة القدم لجمهورية القبائل يسعى هو الآخر للانضمام الى الاتحاد الافريقي، حيث أنه اعتاد أن يشارك في بطولة اتحاد الجمعيات المستقلة لكرة القدم “الكونيفا” وأنكم تعلمون أن الدرس كان بليغا أثناء بطولة 2020 بمقدونيا لـ”لكونيفا”…

وفي هذا السياق يتبادر إلى ذهني عنوان إحدى مسرحيات المبدعة الكبيرة الراحلة “ثريا جبران” وهو: “نركبو لهبال” لما له من معاني ودلالات.. فهل من حكيم…؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
حمل تطبيق آراء الآن