*طلحة جبريل موسى/ كاتب صحافي
مع بداية الموسم الدراسي تستقبل المعاهد والكليات أعداداً متزايدة من الطالبات والطلاب الذين يختارون “مهنة المتعة” كما اسميها وليس “مهنة المتاعب” كما يقال. عادة ما يطرح هؤلاء الطلاب الجدد اسئلة عن أسباب انحسار دور وسائل الاعلام .
رأيي في هذا الصدد لم يتغير، إذ العلة في الجسم الصحافي نفسه، ومناهج وطرائق تكوين الصحافيين.
في اعتقادي أن الذين يقبلون على هذه المهنة عليهم بالضرورة توخي الحياد والموضوعية والدقة والنزاهة، والصحافي عليه أن يقرأ ويقرأ، حتى يراكم أكبر قدراً من المعلومات، ثم لا بد من أن يحب المهنة، وكما أقول دوماً لطلابي: الحياة هي الحب والحب هو الحياة.
يفترض أن يقاتل الصحافي من أجل القصة الصحافية الجيدة، كما يفعل أي صحافي يستحق اللقب، وهذا الأمر يفرض عليه الجرأة في طرح الأسئلة، ولا يبالي بالعواقب، ولا يكترث للمال، ومن واجب الصحافي أن يطارد الأسرار والمعلومات وينشرها أو يبثها نقلاً عن من يملكها أياً كان موقعه. وعليه أن ينأى بنفسه تماماً عن الكذب والاختلاق، حتى في حياته اليومية،وأن يتجنب الأسرار في حياته الخاصة .
هنا تحضرني عبارة دالة سمعتها من مورت روزبنلوم كبير محرري وكالة “اسوشيدت بريس” الاميركية، يقول فيها “حين يأتي نداء الإغاثة في منتصف الليل، يكون على الإطفائي أن يرتدي ملابسه بسرعة وهاجسه إطفاء الحريق، أما الصحافي فعليه أن يخبر مليون شخص على الأقل:من أشعل عود الثقاب ولماذا” .
في كل الأحوال يجب أن يكون الصحافي واثقاً مما يكتب أو يقول ، إذ من الأفضل ألا يكتب شيئاً، عوض أن يكتب شيئاً غير دقيق تحت ضغط الزمن او الرئيس المباشر.
هناك ثلاثة أشياء يجب ألا يهابها الصحافي :السلطة والمرض والموت، إذ الصحافي لا يتقاعد إلا في قبره.
اختم باقتباس من مساهمة لي في رسالة دكتوراه أنجزها الباحث عبدالعزيز المنتاج في جامعة إبن زهر في أكادير ، قلت في خلاصتها”عندما نقول “الإعلام الجديد” هذا يعني بداهة أن هناك”إعلاماً قديماً” أو العبارة المخففة “إعلاماً تقليدياً”، لذلك سنلاحظ الخلط الذي حدث ، أصبحت وسائل الإعلام المكتوبة (ورقية وإليكترونية وصحافة وكالة) والإعلام المسموع والإعلام المرئي ، تصنف جميعاً في خانة الإعلام التقليدي ، في حين باتت الشبكات الاجتماعية ومنصات التواصل تعتبر إعلاماً حديثاً، هذا الأمر خلق عند ظهوره في أميركا عام 2004، ما يعرف بظاهرة “المواطن الصحافي”، والذي يطلق عليه أحياناً “صانع المحتوى”، لكن ماحدث بعد ذلك هو تسونامي الأخبار الزائفة (fake news) ، وهو ما جعل الناس تعود إلى منصات الإعلام التقليدية، أي الصحف والوكالات والإذاعات وشبكات التلفزيون.