آراء

الأكاديمي بنطلحة يصف زيارة ماكرون للمغرب بتدشين عهد جديد و التصالح مع التاريخ

لعلاقات المغربية الفرنسية تاريخ ممتد عبر العصور، وهي ليست علاقة ظرفية، لكنها نتيجة علاقات تعززت وتوطدت بغض النظر عن تقلبات التاريخ.

ثمة درس نتعلمه من هذه التقلبات، هو أن الرغبة في علاقات أفضل وأقوى وأوضح تظل هي الهدف المنشود، وهو ما عبر عنه فرانسوا هولاند أثناء زيارته الأخيرة للرباط في معرض تعليقه على علاقات بلاده مع المملكة المغربية، أن تلك العلاقات «يجب أن تتحسن بالعمل على تجاوز سوء الفهم وتخطي هذه المرحلة الصعبة».

لحسن حظنا ثمة عبارة حكيمة خاطب بها وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورني نظيره المغربي ناصر بوريطة عبر منصة «إكس» في ختام زيارته الأولى إلى المملكة وإلى المنطقة: «شكرا على ترحيبك عزيزي ناصر بوريطة على هذا التبادل الدافئ والعميق، الرابط الذي يوحد بلدينا استثنائي، دعنا ننظر إلى المستقبل».

عبارة خاطبت بها فرنسا البلد الأوربي المملكة المغربية القوة الإقليمية الصاعدة… مدشنا بذلك مرحلة إزالة سوء الفهم ومعلنا فتح باب التواصل مع المملكة لبداية فصل جديد في العلاقات الثنائية بين البلدين.

إن فرنسا تعي جيدا أن المغرب حليف تقليدي ولا يمكن التفريط في علاقات جيدة معه مما هيأ لبداية فصل جديد في العلاقات المغربية الفرنسية من شأنه أن يتصالح مع التاريخ والجغرافيا الحقيقين ليكون انتصارا لعمق الروابط وللمصالح العليا بين البلدين، هاته المصالح وكما تعلمنا على أيدي علماء الجيوبوليتيك والكثير منهم فرنسيون، أنها لا تستقيم إلا على خطين متوازيين.

إن هذا التحول قرين بـ«البراغماتية» التي تكلم عنها رئيس الدبلوماسية الفرنسي خلال زيارته للرباط سيما وأنه تحدث عن خارطة طريق تمتد لثلاثين سنة المقبلة وقرين كذلك بمصطلح «التبصر»، حيث أكد على أنه «يجب أن نرى التحديات المقبلة بالكثير من التبصر حتى نجاري العالم الذي يتحول بسرعة».

مصطلح «التبصر» يستشف منه أن فرنسا أدركت أن المغرب أصبح قوة إقليمية صاعدة والمبادرات التي أطلقها سواء في غرب إفريقيا أو بدول الساحل أو دول الأطلسي أو في علاقته المتعددة الأقطاب مع القوى العظمى تفرض ضرورة التحلي بالواقعية السياسية، وبالتالي إن التبصر لم يأت صدفة أو عبثا في سياق الكلام، وإنما إدراكا لمكانة المغرب الدولية والإقليمية اقتصاديا وسياسيا، كما أنه ليس من الواقعية السياسية الانسياق وراء نظام عسكري فاشي يقود بلاده إلى الخراب.

محمد بنطلحة الدكالي 

أستاذ العلوم القانونية بجامعة القاضي عياض

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
حمل تطبيق آراء الآن