بنطلحة يكتب: خطاب تبون والحرب على الوعي
يتمثل الوعي في إدراك الواقع والحقائق التي تجري من حولنا، والتي يصل إليها العقل من خلال تفاعل الفرد مع المحيط عن طريق الإدراك الذاتي والعقلي من خلال مجموعة من التجارب التي تشكل مفاهيم الفرد حول محيطه، مما يجعله أكثر قدرة على إجراء المقاربات والمقارنات واتخاذ القرارات.
والوعي حسب الفيلسوف الفرنسي « برجسون » ليس ذا طابع، إنما هو إدراك للذات والأشياء في ديمومتها وهو انفتاح على الحاضر والماضي والمستقبل.
ونجد أن الوعي قد يتعرض لمحاولة تزييف خاصة في زمننا المعاصر من أجل السيطرة على الوعي الجمعي في سبيل إنتاج وعي مزيف تدعمه بقوة آلة إعلامية رهيبة ووسائل التواصل الاجتماعي ومحترفي الإشاعة.. حيث يتلقف الفرد سلسلة من المعلومات من أجل تزييف الواقع حتى تصل الشعوب إلى حالة من التشكيك والتي يمكن أن تهدد التماسك الاجتماعي.
إن الحرب على الوعي تأتي ضمن سياق التحكم في أفكار وسلوكات الجماهير والسيطرة على العقول.
ومن بين الحروب على الوعي ذات التأثير الكبير في واقعنا تلك الخطابات السياسية العصماء لبعض قادة الدول والتي تهدف إلى شن حملات على الذاكرة وحملات التأثير وهي من أنواع الحروب الحديثة التي تندرج في إطار الحرب النفسية، ومن أهم أساليبها القفز على الحقائق الموجودة على أرض الواقع وخلق قصص بالية وتزييف الوقائع وتحريفها والمبالغة في التمسح بالقيم الإنسانية والأخلاقية.
مناسبة هذا الكلام خطاب الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون الذي ألقاه من مقر وزارة الدفاع الوطني حيث صرح بدون حياء أوخجل أن » الجزائر دولة مسالمة وتحترم كل الدول ولن تكون تابعة لأي قوى دولية كما أنها سيدة قراراتها »، منوها بعلاقات الجزائر » الطيبة » مع محيطها الإقليمي والدولي والاحترام الكبير الذي تحظى به حتى من طرف خصومها وأن بلاده » لا تحب الحرب ولن تدخلها » كما برر شراء الأسلحة كونه يسعى فقط لأجل الحفاظ على أمن بلاده واستقرارها.
إن هكذا خطاب نعتبره بمثابة حرب على الوعي الجمعي المغاربي المراد منه أهداف أخرى غير معلنة.