وفاة إيرتون سينا غيرت الكثير في عالم الفورمولا واحد
غيرت وفاة السائق الأسطوري البرازيلي إيرتون سينا قبل 25 عاما، الكثير بالنسبة الى معايير السلامة في عالم سباقات الفورمولا واحد، واقتصرت حالات الوفاة على الحلبات من بعدها على الإيطالي جول بيانكي اثر حادث تعرض له في 2014 أدخله في غيبوبة حتى وفاته في العام التالي.
قبل وفاة سينا، كانت السلامة في الفورمولا واحد تشهد تحسنا، اذ قضى أربعة سائقين جراء حوادث الحلبات في الثمانينات من القرن الماضي، مقابل 10 في العقد السابق. لكن نهاية الأسبوع الأسود على حلبة إيمولا في سان مارينو، ومصرع سينا يوم السباق الأحد غداة وفاة النمسوي رولاند راتزنبرغر السبت خلال التجارب، أعادا الأمور الى نقطة الصفر.
ويقول النمسوي غيرهارد برغر، زميل سينا وصديقه، لوكالة فرانس برس “كنا قد أصبحنا واثقين جدا واعتقدنا أن عصر الخطر قد انتهى. لكن أدركنا سريعا أن ذلك لم يتغير وأننا كنا فقط محظوظين”.
ويضيف أن حادث سينا “هز الجميع، الاتحاد الدولي للسيارات (فيا)، الفرق، السائقين الذين وحدوا الجهود مع فيا (لتعزيز معايير السلامة) واضعين هذا الحادث في ذهنهم، ما أدى الى نتائج جيدة جدا”.
خلص التحقيق المطول الذي أجراه القضاء الإيطالي، الى تحميل مسؤولية الحادث الى كسر تعرضت له ذراع التوجيه في سيارة فريق وليامس التي كان سينا على متنها. المهندس أدريان نيوي الذي ساهم في تصميم السيارة، وضع هذا الاستنتاج موضع الشك.
وقال البريطاني الذي يعد من أبرز المهندسين الذين عرفتهم الفئة الأولى في العصر الحديث، في سيرته الذاتية التي نشرت عام 2017 “أكانت ذراع التوجيه هي التي تسببت بالحادث أم لا، لا يمكن أن ننكر أن هذه القطعة كانت منجزة بطريقة سيئة وكان يجب ألا يتم تركيبها في السيارة”.
– معايير صارمة –
السبب المباشر لوفاة سينا عائد الى ارتطام قطعة من جهاز التعليق برأسه بعد خروجه عن المسار عند منعطف تومبوريلو واصطدامه بالحائط الاسمنتي بسرعة تجاوزت 200 كلم/ساعة.
في الأيام التي تلت الحادث، أخذ عدد من السائقين، منهم الألماني ميكايل شوماخر والنمسويان برغر ونيكي لاودا، على عاتقهم إعادة هيكلة “جمعية سائقي الجوائز الكبرى” الموكلة الدفاع عن مصالحهم. طلبت الجمعية خفض قوة سيارات الفورمولا واحد، ودخل ذلك حيز التنفيذ في جائزة إسبانيا الكبرى في نهاية أيار/مايو 1994. في منتصف حزيران/يونيو من العام نفسه، أدخلت تعديلات على هياكل السيارات، شملت رفع الجانبين المحيطين بقمرة القيادة لتوفير حماية أكبر للسائقين، إضافة الى إجراءات عدة منها تعزيز متانة أجهزة التعليق.
في العام التالي، اعتمد فيا معايير أكثر صرامة في اختبارات التحطم التي تجريها الفرق على سياراتها. وفي 1996، تعززت الحماية في المنطقة المحيطة بالسائق، وبعد ذلك بعامين تم اعتماد الأسلاك لربط الإطارات بهيكل السيارة والحؤول دون انفصالها في حال وقوع حوادث.
في 2003، اعتمد نظام “هانز” وهو جهاز يقوم بربط خوذة السائق الى كتفيه وكان معتمدا في سباقات السيارات في الولايات المتحدة، وصولا الى نظام “هايلو” الذي دخل حيز التطبيق في 2018، وهو أشبه بـ “قفص” دائري مثبت حول قمرة القيادة لتوفير حماية إضافية لرأس السائق والحؤول دون تعرضه للارتطام بأي حطام متطاير أو عوائق.
– البحث عن مذنِب –
أدخل الاتحاد الدولي تعديلات أيضا على مسار بعض الحلبات، لاسيما إيمولا حيث تم تغيير شكل تومبوريلو بالكامل بدءا من عام 1995.
تغير شكل العديد من الحلبات إن من خلال تعديلات على المسار ذاته، أو من خلال توفير مساحات أوسع خارج المنعطفات تمنح السيارات مجالا إضافيا لتخفيف السرعة قبل الاصطدام المحتمل بالجدار، ووضع إطارات ممتصة للصدمات عند غالبية الحدود الخارجية للحلبات.
لكن وفاة سينا غيرت أيضا من مقاربة الرأي العام للحوادث عن الحلبات. وبحسب الصحافي البريطاني المتخصص في سباقات السيارات موريس هاميلتون “الفارق الأبرز بين وفاة (البريطاني) جيم كلارك في السابع من نيسان/أبريل 1968 ووفاة إيرتون سينا في الأول من أيار/مايو 1994، هي أن العالم أراد أن يعرف لماذا حصل ذلك، لماذا مات هذا الرجل، لماذا سباقات السيارات هي على هذا القدر من الخطورة؟”.
أضاف في فيلم وثائقي عرض في العام 2013 عن أخطر الحوادث في تاريخ الفورمولا واحد “وفاة إيرتون سينا بثت عبر شاشات التلفزيون الى غرف جلوس ملايين الأشخاص الذين كانوا لا يعرفون بالضرورة سباقات السيارات، لكن يعرفونه هو (سينا)، وكان يجب العثور على مذنِب”.