بوعياش وحقوقيون يطالبون بإلغاء الإعدام
شددت آمنة بوعياش رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان في ندوة صحفية بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام، صباح أمس ، على أهمية انخراط المجلس في الحملة الداعية لإلغاء هذه العقوبة قانونيا وعمليا، فضلا عن انتصاره للحياة، لا يتعارض مطلقا مع حقوق الضحايا، كما يحاول البعض الدفع بذلك لتبرير الإبقاء على العقوبة، إن موقف المجلس مبني على المعطيات الواقعية والتحليل العقلاني والمقاربة المقارنة التي تؤكد، جميعها، أن الإعدام، يقوم على مفهوم الانتقام بدل الإصلاح والإدماج.
واشارت بوعياش، أن تطبيق هذه العقوبة، رغم اختلاف السياقات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية للدول، لم تشكل عاملا رادعا للفعل الجنائي، ولم يتم تحديد رابطا منطقيا ولا موضوعيا بين تنفيذ عقوبة الإعدام وتراجع معدل الجنايات المبررة لتطبيقها، بل العكس هو صحيح.
و أكدت بوعياش، ان المجلس الوطني لحقوق الانسان، يعتبر بأن اعتبارات التي يتم اعتمادها لعدم إلغاء عقوبة الإعدام لا مبرر لها، إنها تكرس مقاومة تحديث قانوننا الجنائي. وإن إلغائها يشكل، اليوم، ضرورة ملحة باعتبارها مرتكز قانوني جنائي لدولة ملتزمة بمبادئ ومعايير حقوق الانسان، خاصة وأن بلدنا لم يعد ينفذها أصلا، منذ ثلث قرن تقريبا، على اعتبار أنها لم تعد تساير فلسفة العقوبة في عصرنا الحاضر
ها نحن نلتقي مجددا بفضاء المجلس الوطني لحقوق الإنسان، كمناهضين لعقوبة الإعدام في القانون والممارسة، «عقوبة الإعدام: تعذيب دائم” وبقدر سعادتنا بلقائكم، ولقاء الداعمين لنا، بقدر ما نحس بأسف لبقاء الحال على ما هو عليه رغم انصرام سنوات طويلة، ظل المجلس وأصدقائنا بالائتلاف وشبكات من أجل الإلغاء يذكرون، وبإلحاح، بضرورة القطع، قانونيا وعمليا، مع عقوبة الإعدام.
نقول قانونيا وعمليا لأننا أصبحنا واعين بأن الإبقاء على عقوبة الإعدام في النص القانوني دون اللجوء إلى تطبيقها عمليا هو في حد ذاته، سيف فوق رؤوسنا.
وما يؤلمنا، هو التعذيب النفسي والاجتماعي، الذي يترتب على التعليق العملي للعقوبة مع إبقائها قائمة وحاضرة في النص القانوني، والذي يشبه، في شدة قساوته، كمن يقرر العقوبة على صاحبها مرة، تم يجدد قراره في اليوم الموالي، ويكرر ذلك لسنوات عديدة. ولعل ذلك، ما دفعنا إلى أن نحيي اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام هذه السنة “عقوبة الإعدام، تعذيب دائم”.
لا أعتقد أن هاته الكلمات وهذا التشبيه كافيان لتقريب هذه الإشكالية في صورتها ووضعها الحالي، ليدرك الجميع أبعادها النفسية والاجتماعية والقانونية والمعيارية. لكن، دعوني أقول، إن هذا هو تصورنا للوضع، نقدمه مرة أخرى، بنوع من التبسيط، لنشدد على أثر وتأثير الإعدام على المجتمع.
رغم تغير السياقات، الحضور الكريم، فإن الثابت لدى المجلس الوطني هو إلغاء الإعدام، أولا، كمؤسسة وطنية تحرص على حماية الحق في الحياة باعتباره حقا متأصلا، مطلقا، ولا يمكن التصرف فيه. بل ولا يمكن إعمال باقي الحقوق الأخرى من دونه لسبب بديهي: لا حقوق لمن أعدم، باستثناء ما يهم وضعه ككائن في العدم. واذكر، مرة أخرى، أن حماية الحق في الحياة منصوص عليه بدستور المملكة، والفاعل التشريعي، ملزم بحماية هذا الحق دونما استثناء.
من غير المستساغ، الأصدقاء والصديقات، ان تبقى بلادنا في السياق العالمي الحالي، على هامش الدينامية العالمية، وتوظيف بعض الاعتبارات غير الموضوعية ولا المقنعة، للإبقاء على هذه العقوبة. أود اليوم أن أذكر، بأن33 دولة من أصل 57 دولة (أزيد من النصف)، تنتمي لمنظمة التعاون الإسلامي، قامت بإلغاء أو الالتزام بالوقف العملي لتطبيق عقوبة الإعدام. مثلما ألغى أكثر من ثلثي الدول في العالم – 144 دولة – عقوبة الإعدام في القانون أو في الممارسة. وبلغ عدد الدول التي صادقت على البروتوكول الاختياري الثاني للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الهادف إلى إلغاء عقوبة الإعدام 90 دولة.
وأكد حقوقيون وقانونيون، ان للمحاميات وللمحامين الدور الكبير والحاسم في ساحات العدالة وقاعات المحاكم في المساطر عامة وفي المساطر ذات العلاقة بالقضايا الجنائية خاصة، في نقل مصير العديد من المتابعين من قبضة الإعدام لصف النجاة وبالرغم من ذلك فلا زالت هذه العقوبة تقف امامهم وامام القضاة في نقاش واحتكاك وفي التعاطي معها ومع فعاليتها في رد الجريمة ومع دستوريتها ومع مشروعيتها، ولو أن نسبة الاعدام مقارنة بنسبة الجريمة وبنسبة مدد العقوبة لا تشكل نسبة قوية إذ لا يتعدى عدد المحكومين بالاعدام 81 شخصا عند بداية يوليوز 2023
و لا شك ان للمحامي نصيب من المسؤولية عن اجراءات المحاكمة الجنائية، من بدايتها الى نهائيتها،
فقد تأكد من شهادات العديد من المحاكمين ان صدور ثم تنفيذ عقوبة الاعدام كانت أحيانا نتيجة العديد من العوامل منها مثلا الأخطاء القضائية، او عدم ضمان المحاكمة العادلة وضمان حق المتهم في مؤازرة المحامي، أو غياب المحامي او ضعف قدرته في التعامل مع حجم الملف، أو عدم تقديمه او استعماله وسائل الاثبات بمهنية في المرحلة أو اللحظة المناسبتين،…الخ، مما يدعونا بالشبكة أن نولي عناية للتكوين وصقل التجربة في آليات المحاكمة سواء في إطار التكوين المستمر أو في إطار المباراة الوطنية للمرافعة حتى يتمكن درع الدفاع من المحاميات و المحامين من لعب الدور في التخلص من عقوبة الاعدام ومساعدة القضاء على الابتعاد عن النطق بها، وحتى يسهموا بالمرافعات المهنية والحقوقية في نزع ثقل عقوبة الاعدام من قوانيننا.
إن الشبكة تعتبر المناسة اليوم لحظة تجدد فيها الاعلان أننا محاميات و محامون جزء من الحركة المغربية والعالمية ضد عقوبة الاعدام ، ونعبر لأصدقائنا في الائتلاف وبالشبكات و ب ECPM عن تحياتنا و دعمنا لمجهوداتهم دفاعا عن الحق الحياة، وحتى لا بقى بالمغرب مكان لعدالة تقتل، ولا لقوانين تبيح الحكم بالإعدام.
وأكدت شبكة الصحافيات والصحافيين أن من بين مهامنا في هذه المسيرة هو ضخ جرعات الأمل عبر كل الأجناس الصحفية وإبراز أن القتل باسم الدولة أي دولة؛ القتل العمد لمواطنيها لم يكن ولن يكون عدالة، و أن هذه العقوبة تناقض الحقوق الإنسانية بل إنها التعبير القاسي لانتهاك هذه الحقوق.
واشارت تلى انجاز دليل مرجعي تضمن كل الاتفاقيات الدولية والإقليمية ذات العلاقة بعقوبة الإعدام والتعاليق التي أصدرتها اللجنة المعنية بحقوق الانسان (وهي منبثقة عن العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية) فيما يتعلق بالحق في الحياة الذي تنص عليه المادة السادسة من العهد. وكذا موراتوار الجمعية العامة للأمم المتحدة لتعليق عقوبة الإعدام، كيفية ميلاده وتطوره في العقدين الأخيرين. وهو الموراتوار الذي امتنع المغرب عن التصويت لصالحه لحد الآن. وقد تم توزيع هذا الدليل بشكل واسع في أوساط الزميلات والزملاء ولدى العديد من المنظمات الحقوقية . كما كان موضوع ندوة نظمتها النقابة الوطنية للصحافة المغربية .
واشارت الشبكة، أن من أبرز تحديات عملنا المهني ونحن نضخ جرعات الأمل ، هو الانتهاكات الجسيمة التي تطال أخلاقيات هاته المهنة من طرف منتحلي صفة صحفي إذ ينصبون المقصلة بمواقعهم ومدوناتهم وصفحاتهم ويعملون على تهييج الرأي العام عند كل نقاش من تعديل القانون الجنائي أو لدى حدوث جريمة بشعة ويجعلون من أنفسهم قضاة يدافعون عن العدل والقصاص …
هي تحديات تتطلب منا كما تتطلب من كل المناضلين من أجل الإلغاء المرافعة المستمرة بأن عقوبة الإعدام لا ولن تحقق الردع ولا يمكن تداركها وأن ” الإعدام تعذيب لارجعة فيه “وهو شعار اليوم العالمي لهذه السنة . وأن هناك دينامية عالمية لمناهضة هذه العقوبة اللاإنسانية ، والتي بلغت 144 دولة ألغت عقوبة الإعدام في القانون و في الواقع. وأن لا حق للدولة في قتل مواطنيها.