تعيش عاصمة النخيل في الآونة الأخيرة على وقع حالة من الجدل المتزايد بخصوص طريقة تدبير الشأن الإداري المحلي، في ظل تباين واضح في تقييم أداء عدد من الإدارات، بين من يعتبر أن هناك تشدداً وقيود غير مبررة في المساطر، وآخر يرى أن الأمر يندرج ضمن محاولة لإعادة ضبط العمل الإداري واحترام القوانين المؤطرة له، وهو نقاش يعكس حجم التحديات التي تواجه علاقة الإدارة بالمواطن والمستثمر على حد سواء
ويرى متتبعون أن اعتماد بعض الإدارات لمقاربات صارمة في معالجة الملفات المرتبطة بالاستثمار والتعمير والخدمات اليومية، ساهم في إبطاء المساطر وتعطيل المصالح، ما خلق حالة من التذمر لدى المرتفقين، في وقت تفرض فيه الدينامية الاقتصادية التي تعرفها المدينة تسريع الإجراءات وتبسيطها، خصوصاً بالنظر إلى الطابع السياحي والاستثماري لعاصمة النخيل.
ومن جانبه أكد رشيد نجاح، مسير شركة لمصاحبة المستثمرين، أن واقع الإدارات أضحى مقلقاً ويستوجب تدخلاً عاجلاً لتذويب جليد الصعوبات وحلحلة الإشكالات العالقة، داعياً إلى جعل الإدارة أقرب إلى المواطنين والمستثمرين على حد سواء، عبر اعتماد مقاربة تواصلية أكثر انفتاحاً، وتوحيد الرؤى بين مختلف المتدخلين، وتجاوز منطق التعقيد غير المبرر الذي يفرغ الإصلاح الإداري من مضمونه.
وفي السياق ذاته..تبقى الخطابات الملكية بمثابة استراتيجية واضحة وخارطة طريق أمام المسؤولين، تؤطر السياسات العمومية وتؤكد على ضرورة وضع المواطن في صلب العملية التنموية، بما يفرض الانتقال من منطق التدبير الشكلي إلى منطق النجاعة والنتائج، وربط المسؤولية بالمحاسبة، وتكريس ثقافة خدمة المرتفق وجعله ضمن اولوية الأولويات .
ويؤكد عدد من الفاعلين أن تجاوز هذا الوضع يقتضي الإسراع برقمنة المساطر الإدارية، وتبسيط الوثائق المطلوبة، وتعزيز التنسيق بين الإدارات، إلى جانب تأهيل الموارد البشرية وتكريس مبادئ الشفافية والمرونة في تطبيق القانون، بما يضمن التوازن بين الصرامة القانونية وتحفيز الاستثمار، ويساهم في دعم التنمية المحلية وتعزيز جاذبية مدينة مراكش..
وفي الختام، تظل مجموعة من التساؤلات مفتوحة تفرض نفسها بإلحاح:
هل تنجح الإدارة بمراكش في إيجاد الصيغة المتوازنة بين احترام القانون وتيسير المساطر؟ وإلى أي حد يمكن للتشدد الإداري أن يخدم الحكامة الجيدة دون أن يتحول إلى عائق أمام الاستثمار والتنمية؟ وهل يتم تفعيل التوجيهات الملكية المتعلقة بتقريب الإدارة من المواطن بروحها ومضمونها، أم تظل حبيسة الخطابات؟ ثم كيف يمكن توحيد الرؤى بين مختلف المتدخلين لضمان قرار إداري فعال، شفاف، وقادر على مواكبة التحولات الاقتصادية التي تعرفها المدينة
