بقلم رشيد نجاح- فاعل في المجال السياحي و صاحب مقاولة
تعاني مراكش، منذ سنوات، من سوء تدبير واضح انعكس سلباً على مختلف مناحي الحياة داخل المدينة. تردّت حالة بنيتها التحتية، وتراجعت جودة النقل العمومي، وتأخرت إنجاز المشاريع المهيكلة. كما فقدت بعض الخدمات الإدارية والفندقية جودتها، وارتفعت تكاليف الإيواء والمطعمة في ظل جشع بعض العاملين بالقطاع السياحي.
وتعيش المدينة على وقع غياب المراحيض العمومية، وفوضى السير والجولان، وانتشار الأزبال، وتهميش الشوارع والأزقة الثانوية، إلى جانب تفشي ظاهرة الكلاب الضالة وكثرة المختلين عقلياً في الشوارع، وضعف الإنارة العمومية وصيانة قنوات التطهير السائل، فضلاً عن ارتفاع معدلات البطالة. مشاهد يومية يلمسها المواطن بعينه ويعيشها بكل تفاصيلها، وهي حقيقة يصعب إنكارها أو الدفاع عن عكسها.
ولست هنا –يضيف رشيد نجاح– منتقداً لمجرد الانتقاد أو الإساءة لأي جهة، وإنما منبهاً كل من يتحمل مسؤولية تدبير هذه المدينة، على أمل أن تجد هذه الكلمات عقولا ناضجة تتقبل النصح من أجل معالجة اختلالات تراكمت عبر سنوات طويلة.
مراكش، المدينة الألفية الحاملة لروح التراث والثقافة والعراقة، تملك ما لا يملكه غيرها. أسوارها العتيقة، دروبها الفريدة، ساحاتها النابضة بالحياة، مقاهيها التقليدية، شمسها المشرقة، روعة صناعاتها التقليدية، تنوع أسواقها، ظلال حدائقها، ووداعة سكانها. تميز فنانيها وأدبائها، وعلماؤها الذين أغنوا الفكر والحياة عبر العصور.
فالكتبية شامخة بروعتها، ومدرسة ابن يوسف فريدة في جمالها، وقبور السعديين رمز للفن الرفيع، وصهريج المنارة وحدائق أكدال وماجوريل، وقصر الباهية، وتحفة قصر البديع، والرياضات التقليدية التي تحكي قصصاً تنافس حكايات “ألف ليلة وليلة”. وفلكلور المدينة وزجالوها وشعراؤها لم يتركوا مجالاً إلا وشاركوا فيه بإبداع.
ومهما طال الحديث، لن يكفي لوصف مزايا مراكش ومحيطها من دواوير وقلع وقصور وجبال وصحارى وثلوج ونخيل وزيتون. إنها مدينة تستحق من مسؤوليها تفكيراً عقلانياً وتخطيطاً استباقياً دقيقاً لإصلاح أعطابها والحفاظ على مكانتها بين كبريات الحواضر العالمية
