مجتمع

جمالية مراكش في كف عفريت..ألوان دخيلة تشوه هوية المدينة

اشرف السليطين الأمغاري

انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة طلاء واجهات المباني بألوان دخيلة على لون مراكش التاريخي، ما شوّه المنظر العام وأفقد المدينة شيئًا من طابعها البصري الموحد. اذ فجأة، تحوّلت أحياء بأكملها إلى لوحات غير متجانسة، تتنافر فيها الألوان وتتداخل بشكل يضرب في عمق الإلتزام بالقوانين التنظيمية المعتمدة في التهيئة الحضرية.

وأثار هذا الوضع نقاشًا واسعًا بين المتتبعين، بين من يؤكد على ضرورة الالتزام بلون “الأحمر الماموني” كجزء من هوية المدينة، ومن يرى أن لا سلطة لأحد على أصحاب المحلات أو البنايات في اختيار ما يرونه مناسبًا من ألوان. غير أن المسألة تتجاوز ذلك بكثير لأنها تمس جوهر الانسجام المعماري لمدينة طالما تميزت بوحدة لونها وجماليتها البصرية الفريدة منذ مئات السنين .

ويبقى للون الأحمر الماموني دلالات ثقافية وحضارية ممتدة في التاريخ حيث يعكس انسجام ووحدة اهل مراكش في اختيار لون موحد للمباني يجمع بين ميسوريها وفقرائها ويمتزج كل ذلك في سخاء اهلها و بساطتهم بلا تفرقة او تناقض وهي دلالات جمالية تفرد مراكش وتسر الناظر .

وكان والي جهة مراكش آسفي السابق قد شدّد، في أكثر من مناسبة، على ضرورة احترام القوانين المنظمة للمجال العمراني، بما في ذلك تصاميم التهيئة ودفاتر التحملات، مؤكدًا على إلزامية الالتزام بلون الطلاء الموصى به قانونيًا، لما له من أهمية في صون الهوية المعمارية للمدينة. الموقف نفسه تبنّاه المجلس الجماعي، في اجتماع خُصّص للتداول في هذا الشأن، حيث تم التأكيد على أهمية محاربة الألوان الدخيلة والعمل على توحيد الطلاء بما ينسجم مع القوانين والأعراف المعمول بها.

ويبقى الطلاء الاحمر بمراكش امتداد لخصوصية حضارية عمرها قرون، ويُعتبر جزءًا من الذاكرة الجماعية للمدينة، التي ما زالت تقاوم التشويه والتفكك البصري رغم الضغوط التي تفرضها تحولات الذوق وسلوك الأفراد و الاختلاف ..

للإشهار على جريدة آراء

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
PNFPB Install PWA using share icon

For IOS and IPAD browsers, Install PWA using add to home screen in ios safari browser or add to dock option in macos safari browser

حمل تطبيق آراء الآن