آراء

الخبير بنطلحة يكتب: المغرب وتدبير الأزمات

حالة من الانتشاء غمرت المغاربة،حين وجه رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز، الشكر لكل من المغرب وفرنسا،على تزويدهما جنوب وشمال إسبانيا بالكهرباء، خلال الأزمة التي شهدتها شبه الجزيرة الإيبيرية.

لقد لعب المغرب دورا أساسيا في تزويد الشبكة الإسبانية بالكهرباء، خلال الأزمة، حيث حشد حسب صحيفة «إلباييس» الإسبانية ما يصل إلى 38 في المئة من قدرته الإنتاجية لإرسال الطاقة من أجل إعادة تشغيل الإمدادات التي تعطلت بسبب انقطاع التيار الكهربائي في جنوب شبه الجزيرة الإيبيرية، وذلك بناء على طلب شركة الكهرباء الإسبانية.

تزويد الشبكة الإسبانية بالكهرباء المغربية، جاء نتيجة العلاقة الوطيدة بين البلدين الجارين، وجاء وهذا هو الأهم، جراء اعتماد المغرب في إنتاج الطاقة على مشاريع ضخمة في مجال الطاقات المتجددة مثل محطة نور ورزازات ومحطة ميدلت،إضافة إلى عدد من محطات الطاقة الكهرومائية، مايجعله يسجل فائضا في الإنتاج.

إن البلدين (المغرب وإسبانيا) تربطهما خطوط كهربائية،لكن ذلك لم يكن له تأثير مباشر على الشبكة المغربية بفضل التدابير الاستباقية والتخطيط الاستراتيجي.

لقد أثبتت الدراسات أن الدول التي لا تمتلك خططا لإدارة الأزمات تعاني من الكثير من المشاكل والتبعات لمدة سنين طويلة. لذا، نجد أن التخطيط الاستراتيجي جهد منظم يهدف إلى الوصول إلى قرارات ونشاطات أساسية، مع التركيز على المستقبل، وهو أسلوب لمواجهة الأزمات والتكيف مع التغيرات المفاجئة وغير القابلة للتوقع المسبق، إنه استخدام الوسائل المتاحة درءا لتجنب المخاطر والأزمات.

لقد عرف «بيتر دراكر» التخطيط الاستراتيجي بأنه عبارة عن عمليات اتخاذ قرارات مستمرة بناء على معلومات ممكنة عن مستقبلية هذه القرارات، وتنظيم المجهودات اللازمة لتنفيذ هذه القرارات، وقياس النتائج في ضوء التوقعات، مما يجعلنا نستنتج أن التخطيط الاستراتيجي يقوم على أربعة عناصر هي:

أولا، تحديد الأهداف المستقبلية

ثانيا، عملية منظمة مستمرة

ثالثا، المقابلة بين البيئة الداخلية والبيئة الخارجية

رابعا، قناعة لدى صناع القرار بجدواه وأهميته

هكذا يتضح لنا أن إدارة الأزمة تتطلب تخطيطا استراتيجيا، ينطلق من تحديد الأهداف الرئيسية والتحليل المستمر للأزمة وتطوراتها والعوامل المؤثرة فيها، ووضع البدائل والاحتمالات المختلفة وتحديد مسارها المستقبلي من خلال التنبؤ والاختيار الاستراتيجي للفرص الموجودة، وهذا ما يطلق عليه «الاستراتيجية الوقائية». كما يجب أن يكون هناك وعي بضرورة التكيف المسبق مع التغيرات المفاجئة، بمعنى يجب على الدول أن تضع جميع الاحتمالات في خططها الاستراتيجية بغية تجنب المخاطر والأزمات.

إن عملية التخطيط الاستراتيجي عملية مستمرة، وليست لحظية أو مؤقتة أو ذات طابع سياسوي. إنها عمل مؤسساتي يخضع للتقييم المستمر تفاديا لأي مشاكل محتملة، وهي تحتوي على مجموعة من المؤشرات والمعايير، ويجب أن تكون المخططات الاستراتيجية هجومية مفتوحة، وليست دفاعية مغلقة، كما أنها ليست عمليات ردود أفعال، وليست انكماشية جامدة، بل يجب أن تكون عبارة عن عمليات تسارعية مرنة، تعتمد على عمل جماعي يضع المصلحة العليا للوطن فوق كل اعتبار.

للإشهار على جريدة آراء

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
PNFPB Install PWA using share icon

For IOS and IPAD browsers, Install PWA using add to home screen in ios safari browser or add to dock option in macos safari browser

حمل تطبيق آراء الآن