آراء

بنطلحة يكتب: بوعلام صنصال.. حين يتكلم العقلاء

فجر الأديب والروائي الجزائري الكبير بوعلام صنصال حقائق تاريخية أرعبت سدنة النظام العسكري الجزائري في حوار مثير للجدل، حيث أكد أن المقارنة بين المملكة المغربية والجزائر غير متساوية، ذلك أن المغرب دولة عريقة استعصى على فرنسا استعمارها، في المقابل لم تجد فرنسا صعوبة في استعمار الجزائر، واصفا إياها بأنها مجرد تجمعات بشرية بلا تاريخ مما سهل مأمورية فرنسا في احتلالها لمدة 132 سنة.

إن المغرب دولة عظمى يؤكد بوعلام صنصال وامبراطورية امتدت إلى أكثر من 12 قرنا بينما دويلة الجزائر تبدو بلا هوية أو تاريخ، وزاد موضحا أن بعض المدن الجزائرية مثل تلمسان ووهران وبسكرة ..كانت في الأصل جزءا من المملكة المغربية قبل أن تقوم فرنسا بضم هذه المناطق إلى الجزائر، وبالتالي إن الغرب الجزائري كان تابعا للامبراطورية المغربية، وأكد صنصال أن الجزائر طلبت مساعدة المغرب في نضالها من أجل الاستقلال عام 1954 مقابل وعد بإعادة تلك الأراضي المقتطعة، لكن بعد الاستقلال لم تف الجزائر بهذا التعهد مما أدى إلى نشوب حرب بين البلدين عام 1963.

إن جرأة وصراحة بوعلام صنصال تنتصر للحقيقة والتاريخ الذي تتأكد أهميته في حياة الشعوب من خلال تبيانه للجذور، حيث إن الأمة التي تجهل تاريخها هي أمة بلا هوية، وثمة ترابط عميق بين مفاهيم التاريخ والسياسة والهوية، لأنه يعتبر عنصرا أساسيا في التنشئة الوطنية وفي مسألة الصراعات وكذا صناعة المستقبل.

إلا أنه كثيرا ما كتب التاريخ بناء على تحيزات مذهبية أو عرقية أو سياسية، تصل حد الافتعال والاختلاق وتمجيد الذات وتوهم بطولات والعبث بالحقائق، من أجل خلق واقع تاريخي مزور، أي ما أراد المؤرخ أن يكون.

حيث إن بعض المؤرخين يميلون في العادة الى تبني آراء الجماعات التي يعيشون في محيطها أكثر مما يميلون الى تصحيح الآراء، كما يؤكد المؤرخ أرنولد توينبي في أول جملة من كتابه « مختصر دراسة التاريخ ».

إن الشعب الفاقد للهوية، يسقط تحث تأثير الصدمات والهزات، ويحاول خلق وهم مشترك من أجل إضفاء شرعية تاريخية، رغم أن تاريخه يبتدئ فقط من سنة 1830، كما هو الشأن بالنسبة لجيراننا، ورغم أن أكثر المؤرخين يؤكدون بالأدلة القاطعة، أنه لم يكن هناك شعب جزائري قبل هذا التاريخ، بل إن فرحات عباس وهو من المؤسسين الأوائل لحركة المطالبة بالاستقلال عن فرنسا، قد سبق وكتب في الثلاثينات من القرن الماضي يقول: « لو كنت قد اكتشفت الأمة الجزائرية، لكنت وطنيا، وما كنت لأخجل كما لو ارتكبت جريمة. الرجال الذين ماتوا من أجل المثل الأعلى الوطني يتم تكريمهم واحترامهم كل يوم. حياتي ليست أكثر قيمة من حياتهم. ومع ذلك لن أموت من أجل الوطن الجزائري لأن هذا الوطن غير موجود. لم أجده. سألت التاريخ، واستجوبت الأحياء والأموات، وزرت المقابر، ولم يخبرني أحد بذلك.. لا نقوم بالبناء على الريح ». (23 فبراير 1936، صحيفة L’Entente ).

إنه وطوال التاريخ لم يكن هناك بلد اسمه الجزائر يتوفر على هذه الخريطة المترامية الأطراف الموجودة حاليا، بل الثابت هو مرسوم 22 يوليوز 1834، المعروف بمرسوم الضم (Ordonnance d’annexion) المتعلق بالقيادة العامة والإدارة العليا للممتلكات الفرنسية في شمال إفريقيا.

وهناك وثيقة من الأرشيف الفرنسي، وهي عبارة عن مراسلة بين وزارة الحرب الفرنسية ومديرية الشؤون الإفريقية إبان الاستعمار الفرنسي للجزائر بتاريخ 14 أكتوبر 1839، تفيد بأن الجنيرال شنايدر، الذي أرسل الرسالة، يقترح لأول مرة تسمية تلك المنطقة من شمال إفريقيا بالجزائر، وأن يجري هذا القرار على جميع الوثائق والمراسلات فيما بعد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
حمل تطبيق آراء الآن