آراء

محلل سياسي : الزيارة الملكية إلى الإمارات تعيد تشكيل التوازنات في شمال إفريقيا

وقع الملك محمد السادس، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، الإثنين الماضي، بأبوظبي، إعلان “نحو شراكة مبتكرة ومتجددة وراسخة بين المملكة المغربية ودولة الإمارات العربية المتحدة”، الذي يروم الارتقاء بالعلاقات والتعاون الثنائي إلى آفاق أوسع، عبر شراكات اقتصادية فاعلة، تخدم المصالح العليا المشتركة وتعود بالتنمية والرفاه على الشعبين الشقيقين.

وجاء ذلك خلال زيارة العمل التي قام بها الملك محمد السادس لدولة الإمارات العربية المتحدة، على رأس وفد هام والتي جرى خلالها توقيع عدة اتفاقيات شراكة وتعاون في عدة مجالات.

وفي هذا الصدد، أكد المحلل والباحث في العلوم السياسية، عبد الحكيم قرمان، أن هذه الزيارة، تعد تاريخية بكل المقاييس، لكونها أولا تعكس عمق الروابط العريقة والمتينة بين المملكة المغربية ودولة الإمارات، كما أنه من محاسن الصدف، تأتي في سياق انعقاد مجلس التعاون الخليجي، وتصادف أيضا ذكرى العيد الوطني لدولة الإمارات.
وأوضح عبد الحكيم قرمان، أن هذه الزيارة تبرز أهميتها، في حجم الاتفاقيات التي تم التوقيع عليها بين البلدين، على مستوى الشراكة الاقتصادية وفي العديد من المجالات ذات الأهمية، مثل السياحة والثقافة، بالإضافة إلى مشاركة الإمارات ماليا وتقنيا في إنجاز مشروع أنبوب الغاز الرابط بين المغرب ونيجريا، وفي التنمية والمجال البحري وغيرها، التي تجعل من هذه الزيارة نقطة تحول.

وأضاف قرمان في تصريح خص به جريدة “القناة” الإخبارية، أن “هناك من يتحدث على أنها تأسيس لتحالف نوعي، حلف بين ضفتي المغرب الأقصى، ثم الضفة الأخرى في الخليج العربي بين مملكتين شقيقتين لهما روابط إنسانية ثقافية، وتاريخية، واجتماعية بين الشعبين”، مبرزا أنه “يوجد تعبير واضح للمسؤولين في دولة الإمارات وعلى رأسهم الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في إطار استقبال الملك، كان هناك استقبال عظيم وفاخر الذي يخصص للقادة والزعماء العظام، استقبال أسطوري”.

وحول دلالات هذه الزيارة ، أبرز قرمان، أنها ستقوي وتثمن العلاقات القائمة أصلاً، بالإضافة إلى الدعم المتبادل في قضايا سياسية، وجيو سياسية مهمة، بالنسبة للمغرب، حيث أن الإمارات تدعم قضية الوحدة الترابية بشكل ثابت وقوي، وأيضا المغرب يدعم تاريخياً سيادة الإمارات لجزرها ووحدتها الوطنية ومصالحها، أمام تحرشات بعد دول الجوار، على سبيل المثال، جمهورية إيران.

آفاق الشراكة الاستراتيجية

وأبرز الخبير السياسي، أن آفاق المذكرات الموقعة، ستقوي هذه العلاقة، لأن الإمارات كانت دائماً حاضرة على المستوى الإقتصادي والتنموي في البلاد، منذ عهد الراحل الشيخ زايد، وأبنائه، ولكن عدد الاتفاقيات التي تم التوقيع عليها، اليوم، وحجم كلفتها، على المستوى المادي والمدى الزمني للتنفيذ، حيث أن هناك اتفاقيات استراتيجية، وتنمية ضفة المحيط الأطلسي، وتنمية مجال الطاقة والعمران والسياحة، وعدد من القطاعات التي تعتبر استراتيجية بالنسبة للمغرب، خاصة بالأقاليم الجنوبية، وأيضا سيكون تأثيرها على مستوى رفع الناتج الداخلي الخام، وتطوير المبادلات، كما ستعزز قوة هذا الحلف الذي تحدث عليه في مجموعة من المجالات “اقتصاديا تجاريا ، إعلاميا، عسكريا”.

ومن نتائج واسقاطات هذه الزيارة، اعتبر قرمان، أنها ستغير الكثير من التوازنات على مستوى شمال افريقيا، وعلى مستوى العلاقات البينية، أو المتعددة الأطراف بين المغرب والامارات من جهة وبين المغرب والأشقاء في مجلس التعاون الخليجي، باعتبار أن المغرب والأردن هما المملكتين الوحيدتين، اللتين تعتبران شركتين استراتيجيتين لمجلس التعاون الخليجي من خارج دول الخليج، وهذا سيعطي أيضا المملكة التميز والتفرد، على مستوى الافريقي وجنوب المتوسط وأيضا، العربي والإسلامي والعالمي.

كما من بين نتائجها، يضيف الخبير في حديثه مع صحيفة “القناة”، “سيكون تأثيرها على خزينة المغرب، من حيث الموارد، والاستثمارات التي يمكن أن تنجز خلال هذه الفترة، كما ستخلق العديد من فرص الشغل، للمغاربة، وكذلك ستطور من البنية التحتية، وتمكن من مد أنبوب الغاز النيجيري العملاق، والاستثمار على واجهة المحيط الأطلس في المجال السياحي، والتجارة البحرية وبكل ما يتعلق بالتجارة والصناعة وما إلى ذلك”.

وأشار الخبير السياسي، إلى أنها ستقلب العديد من التوازنات سواء في المنطقة المغاربية، وشمال افريقيا وجنوب المتوسط، أو على مستوى الحضور المغربي، في القضايا المرتبطة بالشرق الأوسط ودول الخليج، باعتبار المغرب دولة داعمة وشريكة وحاضرة دائما في قضايا الأشقاء في الخليج كما هم حاضرون في قضايانا الوطنية وداعمون لنا وداعمين لهم، وهذه هي تجسيد الأمثل لتصور الملك منطق “رابح رابح

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
حمل تطبيق آراء الآن