بنطلحة يكتب: تداعيات الاعتراف الإسرائيلي بمغربية الصحراء
بقلم الدكتور محمد بنطلحة الدكالي : إن الدينامية المتجددة التي يعرفها ملف الصحراء المغربية والانتصارات الدبلوماسية التي حققتها المملكة المغربية، يظهر أن المغرب يعتمد على استراتيجية عقلانية وواقعية في تدبير علاقاته الدولية، علما أن الدبلوماسية المغربية بقيادة ملك البلاد تعي جيدا أن هدفها الاستراتيجي يتمثل في الدفاع عن المصالح العليا للبلاد.
في هذا الإطار يأتي الاعتراف الإسرائيلي الرسمي بمغربية الصحراء من خلال الرسالة التي توصل بها الملك محمد السادس من الوزير الأول لدولة إسرائيل بنيامين نتنياهو، والتي أكد من خلالها كذلك أن دولة إسرائيل تدرس إيجابيا فتح قنصلية لها بمدينة الداخلة وذلك في إطار تكريس قرار دولة إسرائيل.
إن هذا الاعتراف الرسمي بمغربية الصحراء من طرف دولة إسرائيل ينسجم والخطاب الملكي السامي بمناسبة الذكرى 69 لثورة الملك والشعب والذي أكد فيه أن « ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم وهو المعيار الواضح والبسيط الذي يقيس به صدق الصداقات ونجاعة الشراكات »، كما أنه يأتي انسجاما مع العلاقة المتنامية بين البلدين وتكريسا لاتفاقيات التعاون بينهما بعد استئناف العلاقات والتي شملت التعاون العسكري والقطاع السياحي والنقل الجوي والاستثمار الفلاحي والصناعة والاقتصاد وقطاعات أخرى يجري إعداد اتفاقيات بشأنها، مما من شأنه أن ينعكس إيجابا على اقتصاد البلدين.
ونجد أن هذا الاعتراف سيعزز القناعة لدى المجتمع الدولي بعدالة قضية الوحدة الترابية، وسيشكل حافزا لدول أخرى للانخراط في هذه الدينامية الإيجابية التي تعرفها قضية الوحدة الترابية للمملكة، كما أنها ستربك حسابات جيران السوء، بل لقد شكلت صدمة لهم، خاصة وأن إسرائيل تعتبر قوة عسكرية واقتصادية محورية في المنطقة. لقد بدأ إعلام حكام الجزائر في الترويج لكثير من الأكاذيب والشائعات محاولين التلاعب بالرأي العام من خلال التوظيف السياسوي والشعبوي للأحداث. وفي هذا الإطار يجب أن نبين وبوضوح أن المغرب ملكا وحكومة وشعبا، يؤكد على موقفه المبدئي والثابت من القضية الفلسطينية، حيث انخرط المغرب في كل المبادرات الهادفة لنصرة القضية الفلسطينية دون أن تحكم ذلك أية أجندة سياسية.
لقد ساهم المغرب في مسار الاعتراف بدولة فلسطين على مستوى الأمم المتحدة، وذلك عبر تقديمه لدعم سياسي في عدة محطات هامة ومصيرية، منها اعتراف الأمم المتحدة بمنظمة التحرير الفلسطينية في 14 أكتوبر 1974 بوصفها ممثلا للشعب الفلسطيني ومنحها الحق في المشاركة في مداولات الجمعية العامة للأمم المتحدة وإقرار قرار الجمعية العامة رقم177/43 في15 دجنبر1988 المتعلق بإعلان الاستقلال الفلسطيني واستبدال » منظمة التحرير الفلسطينية » باسم » فلسطين » في منظومة الأمم المتحدة، ودعم طلب الرئيس الفلسطيني لعضوية فلسطين في الأمم المتحدة في23 شتنبر 2011 الذي أسفر عن منح الجمعية العامة لفلسطين مركز دولة غير عضو لها صفة مراقب، وقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 21 دجنبر 2017القاضي بدعوة الولايات المتحدة الأمريكية إلى سحب اعترافها بالقدس عاصمة لإسرائيل، وفي نفس الإطار قام المغرب بعدة مبادرات عبر وكالة » بيت مال القدس الشريف » لإنجاز خطط وبرامج ملموسة صحية وتعليمية واجتماعية للشعب الفلسطيني بإشراف شخصي من الملك محمد السادس رئيس لجنة القدس.
وفي مناسبات عديدة أكد الملك محمد السادس على التمسك بثوابت الشعب الفلسطيني وعلى رأسها حل الدولتين، وقضية القدس وأهميتها لدى الأمتين العربية والإسلامية، ورفضه كافة الإجراءات أحادية الجانب التي تخالف القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة.
إن الدبلوماسية المغربية بقيادة عاهل البلاد الملك محمد السادس، قد قامت بمجهودات جبارة أفضت إلى موافقة إسرائيل على فتح المعبر الحدودي (اللنبي) المعروف أيضا باسم جسر الملك حسين أو معبر الكرامة الذي يربط الضفة الغربية بالأردن، باعتباره المنفذ الحدودي الوحيد للفلسطينيين على العالم الخارجي.
والمغرب اليوم بفضل العلاقة المتينة التي تربطه بدولة إسرائيل مهيأ أن يلعب دورا فعالا من أجل التسوية العادلة والنهائية التي تضمن حقوق الشعب الفلسطيني.
إن لنا موعدا مع التاريخ يجب أن لا نخطئه، والتاريخ فرص تستغل أو تهدر، وليس مجرد ترويج إشاعات، أو توظيف سياسوي للأحداث….