بصم الراحل عبد الله الستوكي على مسار متميز، ليس كصحفي مرموق يحمل قلما مبدعا، بل كمثقف حر، مستقل، وذي مصداقية، وكرجل مواقف.
لقد تميز الراحل، بمجموعة من الخصال منها الترفع، والشرف، والكفاءة، والمهنية، والصرامة والمثابرة، وهي السمات التي طبعت شخصيته، خلال نصف قرن من مساره المهني.
وفي هذا الصدد، يقول لحسن بن عدي، الزميل والصديق المقرب لقيدوم الصحفيين المغاربة عبد الله الستوكي، في شهادة على هامش ندوة تكريمية للفقيد نظمت بمقر أكاديمية المملكة المغربية أمس الجمعة، إنه ” كان إنسانا فريدا وصحفيا استثنائيا. لقد كان مثقفا قبل أن يكون صحفيا، وهو الجانب النموذجي في شخصيته “.
وتابع أنه ” بالنسبة للأجيال الصاعدة من الصحفيين، فيجب أن يؤمنوا بأنه لا يمكن للإنسان أن يكون صحفيا مقتدرا إذا لم يكن قبل كل شيء مثقفا “.
عبد الله الستوكي، رجل الجرأة.
لقد ازداد الفقيد سنة 1946 بمراكش، وتلقى مبادئ مهنة الصحافة منذ صغره من خلال العمل الميداني وبعيدا عن أسوار المعاهد والجامعات.
وعن هذه الفترة، يقول لحسن بن عدي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، .. ” الستوكي هو رفيق لمسار كبير التقينا ونحن في السنة الأولى من القسم الثانوي بمدينة مراكش، ومنذ ذلك اليوم لم نفترق “، لافتا إلى أن ” الستوكي هو قبل كل شيء رجل الجرأة، التي ميزت كل محطات حياته، صاحب الإمكانيات الثقافية النادرة. لقد كان من الأطفال اليافعين المتقدمين … “.
وعن شخصيته، يقول بن عدي ، ” لم يكن سهل المراس بشبابه، لا مع أصدقائه أو غيرهم نظرا لجرأته ونزوعه لقول الحقيقة مهما كان الموقف، ضوابطه الوحيدة كانت فكرية وثقافية، لم يكن ينصاع ولا يخضع إلى سلطان العقل “.
لقد كان الستوكي معروفا بقوة شخصيته والحدة التي كانت تطبع نقاشاته. وفي هذا السياق، يقول الكاتب والإعلامي محمد الصديق معنينو، ” ما كان يميز عبد الله الستوكي قوة شخصيته، وحدته المعهودة في نقاشاته. كانت له مبادئ وظل يؤمن بها “.
أما محمد نبيل بنعبد الله ، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، فيقول في حق الراحل، إنه ” كان ينطلق من قاعدة المعرفة والانفتاح وتتبع كل التقلبات السياسية التي يعرفها العالم “.
وتابع أنه ” كانت له قدرة هائلة على التحليل ونظرة ثاقبة حول العديد من القضايا، هكذا كان دائما عبد الله الستوكي محتفظا بالمسافة بينه وبين الأحداث ومتجاوزا للذاتية “.
عبد الله الستوكي، الصحفي والمثقف المبدع
لقد شكلت الندوة، التي نظمها مجموعة أصدقاء عبد الله الستوكي بتعاون مع أكاديمية المملكة المغربية حول موضوع ” الصحافة.. تطورها وإشكالياتها الحالية ” مناسبة لتكريم المسار المتميز للراحل عبد الله الستوكي، الصحفي والمثقف، ومساهمته في الرقي بالممارسة الإعلامية بالمغرب، وفي تأسيس عدد من الصحف الوطنية وتكوين جملة من المهنيين في المجال.
وفي كلمة له، بالمناسبة، أكد أمين السر الدائم لأكاديمية المملكة المغربية عبد الجليل الحجمري، أن الراحل الستوكي ، بسيرته الثقافية وآثاره الإعلامية المسؤولة ، ” سيظل حاضرا بيننا وشما في الذاكرة والكيان “، موردا أن الفقيد لم يكن صحفيا فحسب، ولكن كان مثقفا و” صاحب رأي صريح في كل ما يخص شؤون البلاد والعباد بقلم نادر. كان دوما قادرا على الجهر بالحقيقة بحنكة واقتدار “.
وتابع الحجمري أن ” عبد الله الستوكي كان صحفيا متميزا علمته تجارب الحياة أن ينتصر للواقع والرأي “. وفي تقديره فإن الستوكي ترك بعد رحيله ” درس شرف الكلمة، ودرس الالتزام بقضايا الوطن السياسية والثقافية ونقلها من جيل إلى جيل كي لا يكون أفول سياسي أو ثقافي “.
كما اعتبر الإعلامي محمد عبد الرحمان برادة أن تنظيم الندوة بفضاء أكاديمية المملكة المغربية تكريما لأيقونة الصحافة المغربية، يشهد على الاهتمام الذي توليه الأكاديمية لمستقبل الإعلام، مسجلا أن أفضل تكريم لشخص الفقيد الستوكي ”هو البقاء أوفياء للقيم الأخلاقية التي مارس بها المهنة “.
وعدد برادة مسار وتجربة الراحل ليس فقط كصحفي متميز، بل وكمثقف وأديب، داعيا إلى تثمين هذه التجربة الغنية والحفاظ عليها ليستفيد منها زملاؤه ولتكون دافعا للمساهمة في تطوير الصحافة.
بدوره، تحدث الصحفي عبد الصمد موحيي الدين عن معرفته عن قرب بالستوكي والتي تفوق 50 سنة، واصفا إياه بـ” أب الصحافة المغربية الحديثة “.
وقال إن المغرب فقد ، برحيل عبد الله الستوكي ، ” رجلا كبيرا وصحفيا كبيرا وقلما مبدعا ورجلا وطنيا قلبا وروحا “.
يذكر بأن الراحل عبد الستوكي كان قد تولى رئاسة (الجمعية العامة لاتحاد الصحافة الفرنكفونية خلال سنوات الثمانينات).
ومن بين محطاته المهنية اشتغاله بالصحافة الحزبية وبمجلتي (لاماليف) و(أنفاس) ثم وكالة المغرب العربي للأنباء، قبل أن يشرف على إدارة مجموعة من الجرائد الوطنية، حيث ساهم في تكوين عدد كبير من الصحفيين المغاربة.