مخرجات الجلسة الافتتاحية من ندوة ” السياسات الحضرية والأدلة الرقمية “
عرفت الجلسة الافتتاحية للندوة الدولية التي تنظمها مؤسسة CERIPP,FERAM-Maroc، ومعهدMontpensier، بشراكة مع وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، وبتنسيق وتعاون مع المدرسة الوطنية للهندسة المعمارية بمراكش، وجامعة القاضي عياض ومؤسسة Hanns-Seidel، حول موضوع ” السياسات الحضرية والأدلة الرقمية”، والتي تمتد أشغالها يومي 24 و 25 يونيو2022 بمتحف محمد السادس لحضارة الماء. حضورا مهما لمجموعة من الباحثين والخبراء والفاعلين والمختصين في مجال التعمير والسياسات الحضرية وطنيا ودوليا.
وشدد المشاركون في هذا اللقاء العلمي على أن الرقمنة تشكل عاملا مساعدا على تجويد السياسات الحضرية والعمرانية، ومحددا محوريا في الرقي بمخرجاتها التي تجعل الإنسان في صلب اهتماماتها. كما أن استغلال الطفرة التكنولوجية وانتهاز الفرص الناجمة عنها وتجويد طرائق التفكير الجماعي بشأن المدينة، التي “ليست فقط مجموعة من المرافق والخدمات العمومية، بل أيضا فضاء اجتماعي بامتياز، ذا أبعاد جمالية وعمرانية وحضارية طافحة”.
وفي ذات السياق نوه الكاتب العام لقطاع إعداد التراب والتعمير بوزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، عبد اللطيف النحلي، في كلمة بالمناسبة، ” براهنية موضوع هذه الندوة الدولية”، لافتا إلى أدوار الرقمنة في تجويد الخدمات الموجهة للمواطن، لاسيما تلك الخاصة بالسياسات العمرانية.
وأكد السيد النحلي أن الرقمنة أداة أساسية في الوقت الحاضر والمستقبل، مشيرا إلى أن “الجائحة حذرت بإعادة التفكير بشأن الممارسات التي تطال التراب، وإعادة النظر في صيغ التدبير الخاصة بالمجال”.
واستشهد، في هذا الاتجاه، بالتعليمات الملكية السامية الرامية إلى تعزيز صمود التراب والمناطق، وتوطيد قدرتها على الفعل حتى تكون فضاءات موجهة للمواطن.
وبعدما كشف أن خلاصات النموذج التنموي الجديد جعلت من الرقمنة أداة لا محيد عنها لتعزيز صمود التراب، دعا إلى اعتماد صيغ تدبير تنهل من الذكاء الاصطناعي، مستشهدا بنهج القطاع الوصي بخصوص نزع الصفة المادية عن عدد من الإجراءات الإدارية، تحقيقا للقرب والفعالية والنجاعة.
كما أكد السيد النحلي أن الوزارة تجعل من الرقمنة، التي تعمل على تطويرها، وجعلها أولوية في مسلسل نزع الصفة المادية عن عدد من المساطر الخاصة بالتعمير، مهيبا بالجميع، بالتعبئة، خدمة للمواطن، حتى يكون فضاء العيش شبكة مواتية لتحقيق التنمية.
أما رئيس مركز الدراسات والبحث الدولي في السياسات العمومية، علي سدجاري، فأكد أن اختيار موضوع الندوة يرجع لسببين، أولهما هو الأزمة الصحية التي جلت قصور السياسات العمرانية في العالم، لاسيما في الحواضر الكبرى بالدول المتقدمة، وجعلتها “غير صالحة للعيش خلال الأزمة”، وثانيهما هو بروز الرقمنة بحدة، وآثارها على عصرنة السياسات العمرانية وطرائق حكامة المدن.
وبحسب السيد سدجاري، فقد “أبانت السياسات العمرانية التقليدية عن قصورها في مواجهة مخاطر وأزمات مجتمعنا الحالي”، مشيرا إلى أن المختصين في مجال التعمير مطالبون بالإجابة عن أسئلة تتعلق أساسا بإيجاد توليفة بين التمدن و”إضعاف النسيج الاجتماعي”، وتوضيح مفاهيم من قبيل “العيش الكريم”، و”السكن الكريم”، والحركية، ومقر العمل، وماهي العلاقة بين الساكنة ومركز المدينة وضاحيتها؟.
وسجل الخبير في مادة حقوق الإنسان، الحاجة إلى إعادة النظر في السياسات العمرانية حتى تتواءم مع السياق الرقمي، موضحا أن هذه السياسات تتعلق بسلسلة من الأنشطة والمشاريع والتخطيط ، والوسائل والنظم التدبيرية، وأساسا الوشائج الاجتماعية.
كما اعتبر الدكتور أن الجامعة يجب أن تنخرط وبقوة في هذه الدينامية الكبيرة الذي بعرفها العالم والمغرب على وجه الخصوص ما جعله ينوه بالادوار التي تقوم بها المدرسة الوطنية للهندسة المعمارية بمراكش من خلال حرصها الكبير على ادارة وتنظيم مجموعة من البرامج والانشطة العلمية وانخراطها بشكل فعلي في تحقيق الالتقائية بين مجموعة من الفاعلين والباحثين والمؤسسات الوطنية والدولية بهدف تطوير والمساهمة في خلق اليات ومكنزمات تجعل من البحث العلمي محركا للتنمية، بالاضافة الى دورها الرئيسي والذي يتمثل في انتاج أجيال من المهندسين المعماريين.
وخلص إلى أن الغاية تكمن في جعل المدينة فضاء للعيش والتبادل والرفاه والانبثاق الاجتماعي، والتلاقح والإدماج والتشاطر، مؤكدا أنها تشكل أيضا (أي المدينة) “مصدر إلهام وتساؤل، على اعتبار أن الاتصال الوثيق بالعالم الرقمي يتعين أن يمكن المواطن من أن يكون مبتكرا على الصعيد الاجتماعي، وفخورا بالعيش في مدينته، وابتكار صيغ جديدة للرابط الاجتماعي”.