هذه دلالات زيارة حموشي إلى أمريكا لتعزيز التعاون الأمني والاستخباراتي
متابعة :
على رأس وفد أمني رفيع، ضم مديري المصالح المركزية للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني وأطر منها، قام عبد اللطيف حموشي، المدير العام للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني، بزيارة عمل إلى الولايات المتحدة الأمريكية يومي 13 و14 يونيو الجاري، استأثرت باهتمام بالغ نظرا لأهميتها في تعزيز أواصر التعاون الأمني والاستخباراتي بين البلدين.
بلاغ للمديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، الخميس، أفاد بأن هذه الزيارة “تجسد متانة التعاون الثنائي الذي يجمع بين المملكة المغربية والولايات المتحدة الأمريكية في مختلف المجالات الأمنية، خصوصا في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية”، مشبرا إلى أن الزيارة تأتي في “سياق مطبوع بتعزيز وتطوير الشراكة الأمنية القائمة بين المصالح الأمنية المغربية والوكالات الفيدرالية الأمريكية المكلفة بالاستخبارات وتطبيق القانون”.
وتميزت زيارة حموشي بإجراء جلسات عمل ومباحثات مع كل من أفريل هاينز، مديرة أجهزة الاستخبارات الوطنية، وويليام بيرنز، مدير وكالة الاستخبارات المركزية، وكريستوفر راي، مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)، تناولت مختلف التهديدات الأمنية والمخاطر المستجدة على الصعيدين الإقليمي والدولي والآليات والسبل الكفيلة بمواجهتها.
كما بحث عبد اللطيف حموشي مع مسؤولي المصالح الاستخباراتية والأمنية الأمريكية مختلف التحديات الأمنية والتهديدات التي تطرحها الجماعات الإرهابية وشبكات الإجرام المنظم في العديد من مناطق العالم، بما فيها منطقة الساحل والصحراء والشرق الأوسط وأوروبا، مع التطرق “للعمليات الافتراضية” المرتبطة بمكافحة الخطر الإرهابي والجريمة المنظمة، خصوصا في أشكالها السيبرانية وارتباطاتها العابرة للحدود.
وقد أشرت هذه الزيارة، وفق المصدر ذاته، على “أهمية التعاون الثنائي الأمني بين المملكة المغربية والولايات المتحدة الأمريكية، باعتبارهما شريكين أساسيين في الجهود الدولية لتحقيق الأمن والاستقرار”.
كما ترجمت الانخراط الراسخ لمصالح المديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني في المساعي الدولية الرامية إلى تحييد المخاطر والتهديدات المحدقة بالأمن الإقليمي والدولي.
وتعليقا على دلالات هذا التعاون الأمني بين واشنطن والرباط، في ضوء المساهمة الأمريكية الفاعلة في تفكيك خلايا إرهابية بالمغرب في الأشهر القليلة الماضية، فضلا عن التنسيق أيضا لمكافحة الجرائم الإلكترونية، قال إحسان الحافظي، باحث في العلوم الأمنية، إن “الشراكة المغربية الأمريكية في مجال التعاون الأمني هي نموذج للشراكة الموثوقة وذات المصداقية”، وهو تعاون يتخذ عدة أوجُه، حسب إفادة الحافظي الذي شدد في هذا الصدد على “الجانب المتعلق بالجرائم السيبرانية والإلكترونية والشق المرتبط بمكافحة المنظمات الإجرامية والإرهابية العابرة للحدود”.
“من المؤكد أن ذلك هو نتاج تفاهمات سياسية ساهمت فيها أيضا النظرة الدبلوماسية في هذا الاتجاه، كما هي نتاج بناء جسور الثقة بين البلدين منذ فترة”، يورد الخبير المغربي في مجال الحكامة الأمنية قبل أن يشير إلى “تعزيز مكانة المغرب كقطب دولي في مجال مكافحة الجريمة المنظَّمة والإرهاب تحديدا”.
ولم تفت المتحدث ذاته الإشارة إلى أن هذه الشراكة هي “تتويج لمسار من الإشادات التي تلقتْها المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، خاصة ما يتعلق بتبادل المعلومات والتحليل الجنائي والاستخباراتي في مكافحة الجريمة العابرة للحدود”، مُذكّراً برسالة السفارة الأمريكية إلى المدير العام للأمن الوطني، والتقرير الذي أصدرته الخارجية الأمريكية عن دور الأمن المغربي في محاربة الجرائم العابرة للحدود التي تستخدم فيها الوثائق البيومترية المزيفة، وهو “ما يبيّن حجم وقوة العلاقات الأمنية المغربية الأمريكية”، حسب إفادة الحافظي.
وأشار الدكتور في العلوم السياسية إلى مجموعة من الآليات التي أسهمت في توطيد هذه التفاهمات الأمنية بين الرباط وواشنطن، أهمها “عمليات تسليمٍ مراقَب جرت بين المغرب والأجهزة الأمنية في الولايات المتحدة، تنفيذ بعض الإنابات القضائية وبعض المذكرات والنشرات الحمراء الصادرة عن الإنتربول”، فضلا عن “عمليات رصد وتتبع لنشطاء في قضايا الإرهاب أشرفت عليها كل من مصالح الشرطة الفدرالية وجهاز الاستخبارات الأمريكية، آخرُها حجز شحنة المخدرات القادمة من بلدان أمريكا الجنوبية والمتجهة إلى تركيا التي جرت بناء على معلومات وفرتها السلطات الأمنية الأمريكية”.
يضاف إلى ذلك، يتابع الحافظي، “تفكيك أو إحباط محاولات أحد المشتبه فيهم المغاربة الذين كانوا يلجون إلى مواقع التواصل الاجتماعي لتعلم كيفية صناعة المتفجرات وتحييد خطره بناء على معلومات استخباراتية أمريكية، كما تم أيضا تحييد خطر جندي أمريكي كان يحضّر لاستهداف موقع القوات العسكرية خلال فترة خدمته بالعراق بعد استقطابه من طرف التنظيم الإرهابي داعش”.
هذا التعاون يشكل “مسألة دقيقة جدا”، حسب الحافظي الذي خلُص إلى أنه “ينبني على عنصر أساس ووحيد هو الثقة، لأن الأمر يتعلق بالبحث في البيانات الجنائية وفي بيانات وهويات أشخاص مشمولين بالسرّية، وأخيرا التقصي والبحث في ملفات ذات طبيعة سيادية، والأمن من القضايا السيادية”، خاتما بأن “المغرب والولايات المتحدة يُشكّلان ما يمكن تسميته بمُركّب أمني سيادي مشترك تتم من خلاله محاربة الجريمة وتعزيز الأمن في إفريقيا كما العالم”.